الأخبار
الرئيسية / اقتصاد

ما عواقب التعامل العشوائي مع بطاريات السيارات الكهربائية ؟

ما عواقب التعامل العشوائي مع بطاريات السيارات الكهربائية ؟
أخبارنا :  

عمّان - خولة أبوقورةــ

يتوجه العالم نحو كهربة النقل واقتناء السيارات الكهربائية، التي، ورغم ميزاتها العديدة، إلا أن ذلك لا يمنع الالتفات إلى جانب خطر؛ وهو التعامل غير المنظم مع بطارياتها، الذي قد يتسبب بانفجارها أو تلويث البيئة بسبب العبث بمكوناتها الخطرة.

ووفقا للإحصاءات، استورد الأردن خلال العقد الماضي أكثر من ٣٥٠ ألف سيارة هجينة مزودة ببطاريات نيكل ايون وليثيوم ايون، ومن ثم استيراد نحو ٥ آلاف سيارة كهربائية بالكامل مزودة ببطاريات ليثيوم أيون كبيرة الحجم.

بدأت بطاريات السيارات الهجينة (هايبرد) والكهربائية منذ عدة سنوات يعتورها التعطل، ما تطلب تبديلها بالكامل حسب تعليمات الشركة الصانعة.

ووفقا لأرقام مبيعات البطاريات الجديدة، فقد استُبدلت نحو ١٥-٢٠ ألف بطارية لسيارات هجينة (هايبرد)، إضافة إلى البطاريات المستعملة التي يتم تركيبها في ورشات المكانيك التي يتحصل عليها صاحب الورشة باستيراد السيارات المستعملة.

لكن؛ كيف يجري التعامل مع البطاريات التالفة وكيفية التخلص من المواد الخطرة التي تحتويها؟

وفقا للخبراء، توجد مواد كيميائية خطرة وسامة في بطاريات الليثيوم أيون. إذ تتكون هذه البطاريات من معادن عالية الإشعاع مثل الليثيوم والنيكل والمنغنيز والكوبالت

وبعض مواد البطاريات، كالليثيوم أيون، سامة أو مسرطنة، أو يمكن أن تخضع لتفاعلات كيميائية تنتج حرارة أو غازات خطرة، وتشمل المواد السامة مركبات الليثيوم ومركبات النيكل ومركبات الزرنيخ وديميثوكسي إيثان.

وهذه يمكن لها أن تتسرب إلى الهواء عند فتح البطارية، وتسبب مخاطر السرطان لكل من يتعامل معها، كما تتسرب تلك المواد الخطرة إلى التربة ومصادر المياه الجوفية، ما يهدد بكارثة بيئية صحية على مستوى الوطن.

كما يمكن أن تتعرض البطارية للاحتراق أو الانفجار عند ثقبها أو فتحها نتيجة لتفاعل الليثيوم مع الهواء ورطوبة الجو.

ويتضاعف الخطر مع بطاريات السيارات الكهربائية التي يزيد حجم بطاريتها عن البطارية المستخدمة في السيارات الهجينة من خمسة إلى عشرة أضعاف.

ويؤكد خبراء ومطلعون أن هناك من يفتح البطاريات ويعبث بها ويبدل خلاياها بشكل مخالف لتعليمات الشركة الصانعة وشروط السلامة البيئية.

كما يلجأ بعض تجار الخردة إلى تفكيك البطاريات لبيع محتوياتها من المعادن مرتفعة الثمن، ومن ثم تُلقى باقي المكونات في مكبات النفايات، دون أدنى مسؤولية أو رقابة حكومية.

ومعلوم بأن الشركات الصانعة تشترط على الوكلاء المعتمدين في الأردن تجهيز أماكن معزولة جيدا، ومخازن خاصة بمواصفات بيئية مكلفة، واتباع تعليمات تعامل صارمة للغاية لتبديل البطاريات (بدون فتحها إطلاقا) وتشترط إعادة شحنها للمصنع بتغليف معين تمهيدا لإعادة تدويرها.

وفي تصريح إلى «الرأي»، أكد أحد أصحاب ورشات السيارات المختصة في تصليح الهجينة والكهربائية غياب الرقابة الحكومية على ذلك، وقال «كل واحد بشتغل على راسه». وشدد على ضرورة تفعيل دور الجهات الرقابية حفاظا على البيئة وسلامة الأفراد.

وينبه المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إلى أنه مع مرور الزمن «سيزداد عدد بطاريات الليثيوم أيون التي تحتاج إعادة التدوير أو إعادة الاستخدام».

ويحذر من أن يؤدي عدم التخلص السليم من بطاريات الليثيوم أيون المستهلكة إلى عواقب وخيمة، مثل التلوث البيئي وهدر الموارد. ويقترح لمعالجة هذه القضية «ضرورة وجود ابتكارات تكنولوجية ومشاركة الحكومات».

ويوضح أن قوة بطارية السيارات الكهربائية تبلغ 25 كيلوواط، لكن «مع مرور الزمن والاستهلاك تصبح 5-10 كيلوواط أو ستنفد بالكامل؛ فيضطر صاحب السيارة إلى استبدالها».

ويلفت إلى أنهم يبيعون البطاريات القديمة التي تحتوي 5-10 كيلوواط لشركات الطاقة الشمسية التي تعمل على شحنها، وعادة ما تستخدم في المنازل. ويرى أن ذلك الاستخدام «غير سليم» لأنها يمكن أن تتعرض للانفجار في أي وقت لسوء الاستخدام. أما البطاريات المستهلكة «فنبيعها لتجار الخردة».

المهندس يوسف العكور، مدير المشاغل الهندسية في جامعة الحسين التقنية، الذي يعمل في عدد من المشاريع، منها إعادة استخدام بطارية الليثيوم في مجالات متنوعة، يؤكد خطورة استخدام البطاريات دون امتلاك الخبرة والكفاءة اللازمة.

ويوضح العكور أن بطاريات السيارات تستنزف بكاملها، أو تبقى فيها سعة «بأقل كفاءة ممكنة» وهذه البطاريات يمكن إعادة استخدامها في أكثر من جهة.

ويبين أنه يمكن استخدامها كوحدات تخزين بدلا من بطاريات الجل (النيكل) لتخزين الطاقة الشمسية بعد تحويلها إلى طاقة كهربائية، أو تخزين طاقة الرياح بعد تحويلها إلى طاقة كهربائية، وأنها تُستخدم على هذا النحو عالميا.

كما تستخدم «بنكا للطاقة» في عمليات التخييم، ويمكن استخدام البطارية، بعد شحنها، مزودا للطاقة في المنزل حال انقطاع الكهرباء عنه، وفق العكور.

أما فيما يتعلق بالبطاريات (الميتة) التي استنفدت، فيُعاد تدويرها، ولكن، كما يشير العكور؛ يجب التعامل معها وفق إجراءات معينة في مصانع مخصصة، لأنها «إذا تعرضت للثقب أو فككت وتعرضت للهواء الجوي يمكن أن تنفجر.

ويشرح العكور الآلية التي تتبعها المصانع في تفكيك هذه البطاريات؛ حيث تغمر في محلول كيماوي قبل طحنها، لتجنب احتراقها أو انفجارها في بعض الأحيان، لأن أيونات الليثيوم الموجودة في البطارية إذا اختلطت مع الهواء والرطوبة سترفع حرارة البطارية وتنفجر.

بعد طحن البطاريات تنفصل إلى جزأين، وهي: المواد المكونة لأنظمة البطارية مثل الألمنيوم والنحاس والبلاستيك والمواد الأخرى التي تدعى بالكتلة السوداء وتحتوي على المواد الكيماوية، وهذه المواد هي أساس عملية التخزين في البطارية، ومنها النيكل والكوبالت والمنغنيز والليثيوم، التي تزود بمحاليل كيميائية لفصل كل مكون من هذه المكونات لوحده.

ويلفت إلى أنه يمكن أخذ المكونات الأساسية التي يمكن إعادة تصنيعها في البطاريات الجديدة، ويؤكد، حسب علمه، أنه «لا يوجد أي مكان في المملكة مختص بهذه العملية."

ويشرح العكور خطورة استخدام بطاريات الليثيوم بعد تفكيكها عن السيارات؛ إذ تكمن الخطورة في أنه عند محاولة فتحها يمكن «أن تحترق أو تتعرض للانفجار نتيجة تفاعل الليثوم مع الهواء» أما إذا لكن إذا كانت البطارية مستنفدة حتى آخر رمق (ميتة) ستؤثر على البيئة وبخاصة إذا ألقيت أو دفنت في التراب، لأن تجارالخردة لا يستطيعون استخراج المواد الموجودة داخلها ومكوناتها الأساسية.

كما يفصّل العكور آليات الاستخدام الخاطئة في ورشات تصليح السيارات التي بدورها يمكن أن تؤدي الى انفجار البطارية.

فيقول: إذا نزع الميكانيكي خلايا البطاريات القديمة التي تحتوي على النيكل مثل الموجودة في سيارة البريوس 2009 أو سيارة الكامري 2010 وأبدلها بخلايا الليثيوم فيمكن أن يؤدي ذلك إلى انفجارها واحتراقها.

ويوضح أنه يوجد في البطاريات ما يدعى بـ"نظام إدارة البطاريات الكهربائية» (BMS) الذي ينظم عملية الشحن والتفريغ للبطارية إضافة الى التحكم بدرجة حرارة البطاريات.

لكن؛ إذا كان هناك خلل في نظام منظم البطاريات وزيادة في الشحن البطارية «ستنتفخ البطارية وتنبعث منها غازات ستحترق أو تنفجر مباشرة.

فإذا وضعت بطارية ليثيوم مكان البطارية النيكل «لا يميز النظام أنها ليثيوم ويتعامل معها على أنها نيكل، ما يؤدي إلى خلل في الشحن والتفريغ وانفجارها أو احتراقها.

وهذا الأمر، وفق العكور، يمكن أن يحصل عند إعادة استخدامها لتخزين الطاقة الكهربائية الناتجة عن الطاقة الشمسية؛ فعند استخدامها لتخزين الطاقة لابد من استخدام الـ (BMS) المناسب لهذا النوع من البطاريات وأن يكون لدى المستخدم الخبرة الكافية بطريقة عمل وحدات تخزين البطارية (الخلايا) عند تجميع الخلايا، لأنه «إذا لم يقم بذلك بالطريقة الصحيحة ولم يتوافق الـ (BMS) مع البطاريات فسيحدث احتراق أو انفجار».

ويشدد العكور على ضرورة الحفاظ على هيكل البطارية وحمايته منعا لحدوث ثقب فيه، لأن «أي ثقب يمكن أن يتسبب بانفجار فور اختلاط الليثيوم بالهواء ورطوبة الجو».

كما ينبه إلى ضرورة عدم وجود دارة مغلقة في البطارية (أي لا يكون هناك موصل بين القطبين السالب والموجب) الذي يمكن أن يحصل أثناء نقلها، لإذ «من الممكن أن تلتصق حديدة بها وتصبح دارة مغلقة وينجم عن ذلك تيار عال للدارة وتحترق البطارية وتنفجر».

"الرأي» حاورت وزارة البيئة لمعرفة دورها في الرقابة على البطاريات الكهربائية التي تستبدل ومتابعتها لما لها من مضار على البيئة ؟

أمين عام الوزارة الدكتور محمد الخشاشنة يقول إنه تم وضع آلية لاستيراد البطاريات وفقا لإجراءات وشروط وضعت لضبط عملية الاستيراد والتأكد من أنها للاستخدام الشخصي وتعود لنفس المركبة التي تم استيراد البطارية لها وذلك وفقا للآلية المرفقة، وأن ذلك جرى بعد عرض موضوع استثناء استيراد البطاريات الهايبرد الكهربائية للاستخدام الشخصي فقط على اللجنة الفنية لإدارة المواد والنفايات الخطرة.

ومن ضمن شروط آلية استيراد بطاريات السيارات الهجينة والهايبرد «أن يقدم صاحب العلاقة تعهدا شخصيا بتحمل كامل المسؤولية الشخصية المتعلقة بسلامة الاستخدام والاستيراد للبطارية المستعملة المزمع استيرادها لمثل هذا النوع من البطاريات.

كما يتضمن الطلب، والحديث للخشاشنة، «تعهد صاحب العلاقة بتسليم البطارية القديمة المزمع استبدالها إلى وزارة البيئة» لغاية تخزينها في مركز معالجة النفايات الخطرة بسواقة بطريقة آمنة صحيا وبيئيا إلى حين توافر الطريقة المثلى لمعالجتها والتخلص النهائي منها.

ويشدد الخشاشنة على أن البيان الجمركي (الخاص بالبطارية المستعملة المستوردة) لن ينجز إلا بعد تسليمها أصوليا للوزارة.

ويشير الخشاشنة إلى أنه يتم استيفاء بدل أجور 173 دينارا لكل بطارية مستعملة يتم تسليمها إلى وزارة البيئة.

ويوضح أنه جرى ترخيص مستودع لتجميع بطاريات سيارات الهايبرد والكهرباء؛ لتجميعها وتصديرها خارج أراضي المملكة وفقا للإجراءات الأصولية المتبعة. ــ الراي

مواضيع قد تهمك