الأخبار

محمد خروب : هل قرأّتُم «نظرية نتنياهو».. عن «المُثلث الحديدِيّ للسّلام»؟ (2 ــ 2)

محمد خروب : هل قرأّتُم «نظرية نتنياهو».. عن «المُثلث الحديدِيّ للسّلام»؟ (2 ــ 2)
أخبارنا :  

محمد خروب :

كما في مذكراته التي صدرت مؤخراً في الولايات المتحدة تحت عنوان «بيبي: قصتي»، لا يتوقف نتنياهو عن تمجيد ذاته كما والده المؤرخ بنتسيون نتنياهو، المساعد الشخصي للفاشي الصهيوني/جابوتنسكي صاحب المقالة الشهيرة التي حملت عنوان «الجدار الحديدي»، وخصوصاً في مديح شقيقه يوني، الذي سقط في عملية اقتحام مطار عنتيبي الأوغندي. ويضفي على عائلته المزيد من الإطراء وبُعد النظر والدفاع عن المشروع الصهيوني, مُعتبراً (في مقالته بصحيفة هآرتس 14 الجاري) أن مقاربة والدِه حول ضرورة «اقناع الآخرين بأن هجوم الهتلرية على يهود ألمانيا، هو هجوم على المجتمع الإنساني كله», التي ورثها عنه – قام نتنياهو بتطويرها، وأصبحت تشكل بوصلة «تُرشِدني في حياتي العامة».. هذه المقاربة – أضاف – هي ذات صلة الآن أكثر من أي وقت مضى..

هنا لا يجد نتنياهو حرجاً بإعلان تأكيده أن القوة «الصلبة» وليست القوة «الناعمة», هي التي تكفل أمن إسرائيل وتحقيق المزيد من الاختراق في الصفوف العربية. إذ يقول: أنا أؤمن بأن السلام والتقدم هما الاندماج بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، والتصميم على الدفاع عن أنفسنا أمام الذين يُهددون وجودنا وقيمنا.. من هنا أيضاً - واصَلَ - تنبع رؤيتي لتحقيق السلام الذي يختلف عن سلام النخبة في إسرائيل وفي الغرب، فهي تُؤمن - أضاف - أن السلام هو الذي يجلب القوة, وأنا أؤمن بأن القوة هي التي تجلب السلام».

سلام القوة إذا هو ما يعرضه وسيواصل نتنياهو عرضه إذا ما عاد إلى السلطة بعد انتخابات الأول من تشرين الثاني القريب. لهذا يضِرب مِثالاً عن التجربة الأميركية في عهد إبراهام لينكولن عندما يقول:«..إذا راكمت قوى الشر قوة عسكرية واقتصادية حاسمة، فهي ستهزِم الأُمم النبيلة أكثر».. مضيفاً: «أيضاً إبراهام لينكولن احتاج إلى انتصار مُلطَّخ بالدماء في الحرب الأهلية، من أجل أن تنجح بلاده في استئصال شر حقير مثل العبودية».

وِفق ذلك يشقّ نتنياهو طريقه باتجاه التصويب ومنح الأولوية لإحداث المزيد من الاختراق في الصفوف العربية، بعيداً عن أي بحث جاد في السلام مع الفلسطينيين, مُفسراً ذلك وشارِحاً: التطبيق المُتسِق لـ"المثلث الحديدي للسلام»، هو الذي أدى إلى اختراقة مع العالم العربي في الـ25 سنة الأخيرة – استطرد قائِلاً: قالوا لنا المرة تلو الأخرى بأنَّ السلام مع دول عربية أخرى سيصل فقط بعد حل النزاع مع الفلسطينيين.. هذه الرؤية – أضاف – وَضعت أمامنا عائقا لا يمكن تجاوزه، حيث أن الفلسطينيين ما زالوا «لا» يريدون صنع السلام مع إسرائيل بل يريدون القضاء عليها.. ليصل إلى نتيجة مفادها: «بدلاً من أن يهّتز الذيل الفلسطيني في العالم العربي، قلتُ بأنه يجب البدء بالسلام مع الدول العربية، الذي يعزل رفض الفلسطينيين وفي نهاية المطاف - استنتج نتنياهو - يجعلهم يعترفون بالدولة القومية اليهودية، وهي الشرط لأنهاء النزاع معهم.

أسرة تحرير هآرتس عقّبتْ على مقالة نتنياهو الطويلة التي نُشرت على صفحاتها في افتتاحيتها ليوم 16 الجاري (أي بعد يومين من نشر مقالة نتنياهو) قائلة تحت عنوان: «نتنياهو ليس شريكاً": «رئيس الوزراء الأسبق نتنياهو يقترح في مقالته في هآرتس (14/10) ثُلاثِيَّه المقدس لضمان مستقبل إسرائيل، مثلما أيضاً السلام والمصالحة مع العالم العربي: قوة اقتصادية، عسكرية، وسياسية, إلا أن التهديد – تضيف هآرتس – الأكثر جدية على مستقبل إسرائيل، كمجسِّدة للحلم الصهيوني، يحظى بالتجاهل من جانب نتنياهو في أفضل الأحوال وإلى التزييف في أسوئها.. في هذه الأيام بالذات – تُواصل هآرتس – نحن نتعلم بأنه لا تكفي القوة العسكرية، السياسية والاقتتصادية, لهزيمة شعب يُكافح هذا الاحتلال أجنبي، سطو الأراضي، ضمّ مُندفع وسحق لحقوق الإنسان.. في تحليلاته يمضي نتنياهو أن يشير إلى أن الحكومة التي كان من مسؤوليها صادقتْ عام 2003 على خريطة الطريق» التي تضمنت التزاماً بتفكيك كل البؤر الاستيطانية التي اقيمت منذ آذار/2001 والتجميد التام لمشروع الاستيطان (بما في ذلك النمو الطبيعي) والأقواس لهآرتس.

تواصل هآرتس في افتتاحيتها ردّاً على مقالة نتنياهو القول: يدعي نتنياهو بأن الفلسطينيين يُعارضون فقط السلام مع إسرائيل ويرغبون في تصفيتها بل انهم – تُضيف – استخدموا الفيتو على كل تقدم إضافي للسلام مع دولة عربية.. «هذا كذب» تقول هآرتس مضيفة: نتنياهو يتجاهل الدعم الدائم من م.ت.ف والسلطة الفلسطينية لمبادرة السلام العربية, التي تقوم على اساس تطبيع العلاقات مع الدول العربية مقابل انسحاب إسرائيلي من المناطق – المبادرة تنتظر منذ اكثر من عقدين الرد الإسرائيلي: ثم تختم قائلة: مَن يسعى لِتجاوز رام الله ويخفي عن الفلسطينيين كل ما تبقى من أفق سياسي، يقود إسرائيل إلى حائط حديدي بلا مخرج، لا أمني، لا سياسي، لا اقتصادي ولا ديمقراطي».

في السطر الأخير.. ليس ثمّة ما يمكن توقّعه حال عاد نتنياهو الى الحكم. ــ الراي

kharroub@jpf.com.jo

مواضيع قد تهمك