الأخبار

كمال زكارنة : اذعان دون نقاش

كمال زكارنة : اذعان دون نقاش
أخبارنا :  

كمال زكارنة :
الواقع العربي الحالي يعتبر الاكثر سوءا منذ عهد الاستقلال ،ولم يسجل التاريخ العربي ترديا للحالة العربية كما هو الحال في هذه المرحلة ،التي نتمنى ان لا تدخل التاريخ ،ولا تسجل في السفر العربي،لانها الاكثر اذلالا وانصياعا واذعانا لمطالب وضغوطات الدول الاخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية لصالح الكيان الغاصب لفلسطين.
اجبرت امريكا الدول العربية على الاستجابة للكثير من ضغوطها ومطالبها وشروطها لصالح الكيان المحتل، دون ان يقدم ذلك الكيان شيئا يذكر،واستخدمت في ذلك الضغط المعزز والمبطن بالتهديد بالقوة احيانا ،والتخلي عن الحماية لتلك الدول من جهة اخرى ،وابتزتها وسلبت منها ترليونات الدولارات،وانتزعت منها المواقف والتنازلات، غصبا عن ارادتها بالتهديد والوعيد،وبما لا يتماهى مع سياسات تلك الدول وشعوبها،التي طالما تبنت القضية الفلسطينية تاريخيا، ودعمت الشعب الفلسطيني وحركة التحرر الوطني الفلسطيني، ماديا ومعنويا وفي جميع المجالات،لكنها اليوم تستجيب للضغوط الامريكية على مضد على قاعدة مكره اخاك لا بطل.
تعمل الولايات المتحدة على جعل الوطن العربي ملعبا مفتوحا للكيان الغاصب،يمارس فيه نشاطه السياسي والاقتصادي والعسكري والامني والسياحي وغيره،وصولا الى حالة من الاندماج الشامل، وتذويب حالة العداء التاريخي والمبدئي للاحتلال لدى الشعوب العربية،على حساب القضية الفلسطينية ارضا وشعبا،دون اي مقابل من جانب الاحتلال.
وقد نجحت الضغوط الامريكية حتى الان بشكل نسبي،في تحقيق هذا الهدف،وما تزال ثلاث دول عربية فقط مغلقة تماما في وجه المشروع والمخطط الصهيو-امريكي،هي الجزائر والكويت ولبنان،اما الدول الاخرى فهي متفاوتة من حيث الاستجابة للضغوط والشروط والرغبات الامريكية لصالح الكيان الغاصب.
الواقع العربي المرير اجبر الدول العربية على اسقاط الخيار العسكري لتحرير فلسطين،ولم يعد هذا الخيار مطروحا في هذه المرحلة على الاقل،ولم تتوقف الامور هنا،بل يجري العمل حاليا على اسقاط الخيار السياسي ايضا، من خلال االعمل على تصفية القضية الفلسطينية بشكل رسمي ونهائي، والعمل على تنفيذ صفقة القرن بطرق واساليب ملتوية ومختلفة.
المعطيات والمؤشرات الحالية تقول، بأن الدول العربية لو اجبرت على الاختيار او المفاضلة بين رفض الضغوط الامريكية لصالح الكيان الغاصب والتضحية بالقضية الفلسطينية ،فانهم سيتعاملون مع هذا الخيار كمن يدفن عزيزا له بحكم القضاء والقدر، ويقنع نفسه بأن الموت حق ولا رادّ لقضاء الله،اي انهم ليسوا راغبين بذلك لكن لا حول لهم ولا قوة.
الظاهر والمكشوف من حجم التعاون بين الكيان الغاصب وبعض الدول العربية في المجالات العسكرية والامنية والاقتصادية اقل بكثير من الحقيقة والواقع.
الخشية ان تخترق المخططات الصهيو-امريكية الصف الفلسطيني،وتنجح في استمالة حركات وفصائل اساسية في الحركة الوطنية الفلسطينية ،وتعمل على تحييدها مقابل وعود سياسية كاذبة ووهمية،كما حصل مع غيرها،لذلك هذه المرحلة تتطلب المزيد من الحذر واليقظة والذكاء لان القضية الفلسطينية على حد السيف.

مواضيع قد تهمك