الأخبار
الرئيسية / اقتصاد

نظرة البنك المركزي للاقتصاد وأثار عدم رفع اسعار الفوائد على الدينار الأردني وتداعياته

نظرة البنك المركزي للاقتصاد وأثار عدم رفع اسعار الفوائد على الدينار الأردني وتداعياته
أخبارنا :  

طارق ابراهيم الطراونة :


استنادا لآراء الخبراء والمحللين في هذا الجانب وتأثير رفع أسعار الفوائد على المودعين والمقترضين ، نبدي لكم آثار عدم رفع أسعار الفوائد بحسب السياسة النقدية من قبل البنك المركزي لعدة أسباب

بداية نوضح نظرة البنك المركزي للاقتصاد

يقوم البنك المركزي باستمرار بمتابعة المستجدات التي تطرأ على الإقليم لاسيما مراقبة الأسواق العالمية والمحلية وعمل الدراسات الاستراتيجية بعمق بحسب نظرته للمشهد الاقتصادي للدولة ولسعر الصرف للدينار وتحديث أنظمته لتواكب كل المستجدات والمتغيرات التي تطرا في هذا القطاع ، و تتميز رؤيته بالشمولية و الواقعية بعيدا عن أي مؤثرات خارجية ليعمل باستقلالية وشفافية لصالح العام .

وتهدف سياسته بشكل رئيسي لتحقيق الاستقرار المالي للدولة وما يرافقه من استقرار للدينار الأردني ، وذلك حفاظا على ودائع الافراد والمؤسسات الاعتبارية والشركات وعلى منسوب الودائع الاحتياطية بالدينار والدولار ، ومن ناحية أخرى حفاظا على توازن واستقرار المؤسسات المالية ، حيث ارتفعت قيمة السيولة النقدية الاحتياطية لدى البنك المركزي خلال الثلث الأول من عام 2022 بمقدار 525.3 مليون دينار ما يعادل نسبة 5.3% مقارنة مع مستواها في العام الماضي 2021 ، حيث بلغت قيمة السيولة الاحتياطية الاجمالية للثلث الأول من هذا العام 10.34 مليار دينار بينما بلغت في نهاية عام 2021 ما مقداره 9.81 مليار دينار .

وعطفا علىماورد أعلاه فإن هذا يؤول لاختلاف في وجهات النظر والآراء لبعض السياسات والإجراءات التي يتخذها البنك المركزي والتي قد تتعارض مع وجهات نظر البعض على المدى القصير من حيث المشهد العام ، لكنها إيجابية بإطارها العام على المدى البعيد من منظور استراتيجي والتي تصب في الصالح العام للجهاز المصرفي والافراد والشركات

يعود السبب الأساسي في رفع أسعار الفائدة عالميا ومحليا ، الى ارتفاع نسب التضخم

وهذا مدعاة لإعادة تعريف مصطلح التضخم وهو نسبة ارتفاع الأسعار في دولة معينة لفترة زمنية مقارنة مع الفترة الزمنية التي سبقتها ،

فالتضخم نوعان :


التضخم المدفوع بعوامل الطلب


التضخم المدفوع بعوامل الكلفة


علما ان التضخم حاليا مدفوع بعوامل التكلفة لأنه تضخم يرافقه ركود وحسب المشهد العالمي وما تحمله الساحة من نشوب صراعات التي أدت بدوره الى تآكل القوة الشرائية وارتفاع أسعار المشتقات النفطية ،

فنحن الى حد ما نمضي في دورة ركود معززا بتآكل القوه الشرائية ، فسلة المستهلك مختلفة ومتنوعة و بارتفاع مطرد ، ومرتبط هذا الركود بارتفاع أسعار المشتقات النفطية ، وارتفاع في كلف الشحن ، الأمر الذي يؤثر على أصحاب الدخل الثابت والمحدود ، وعليه فإن رفع اسعار الفوائد لن يجدي لاحقا ، وقد يؤول الى ركود حقيقي في الأسواق وتراجع في نسب النمو بشكل واضح ، علما أن مفهوم النمو الحقيقي هو تحقيق معدلات نمو حقيقيه ملموسة على ارض الواقع وتعكس إيرادات واضحةنستطيع وضع مؤشر قياس لها مقارنة في حجم النفقات ، لكن فعليا هناك تراجع واضح في هذا النمو .

وبالمحصلة يجب تعديل نطاق ونهج السياسة المالية واعادة التفكير بالسياسة الضريبية واعادة ضبطها وتوجيهها لتحفيز الاقتصاد وضمان دوران الدورة الاقتصادية بداية من القدرة الشرائية للمستهلك ومرورا بقدرة التاجر على تدوير البضائع لاسيما الموسمية منها ونهاية بتحقيق إيرادات الخزينة ورفع هامش الصادرات .

علما أن لهذا تأثير سلبي مباشر على الموازنة العامة ، بحيث سيخفف من الإيرادات الحكومية نتيجة ضعف القدرة الشرائية على الانفاق والتوقف عن الصرف والاستهلاك بسبب ارتفاع الاسعار مما مؤداه زيادة عجز الدين الحكومي الامر الذي سيؤدي الى قيام القطاع الحكومي بمزاحمة القطاع الخاص في الإقراض من البنوك وستزيد نسبة خدمة الدين للأعوام القادمة ، لاسيما ما يتبعه من هجرة المستثمرين وطرد الاستثمار نتيجة هذا الارتفاع المطرد و على ما يبدو المستمر في رفع أسعار الفوائد المدينة .

قراءة سريعة لمعدل التضخم في الأردن خلال الخمس شهور الأولى ويبلغ ( 2.97% )

شهر 1/2022 = 2.45% ، شهر 2/2022 = 1.95% ، شهر 3/2022 = 2.46% ، شهر 4/2022 = 3.59%

شهر 5/2022 = 4.39%

قرارات البنك المركزي والتدابير الاحترازية

تم اتخاذ عدة تدابير من قبل البنك المركزي بخصوص سياسة تسعير الفوائد الدائنة والمدينة كونه في الأساس يندرج ضمن قرار اقتصادي بحت ، وهذه القرارات يتم اتخاذها باستقلالية تامة بدون أي ضغوطات او توجيهات ، لان هذا من اختصاصه لتنفيذ السياسة النقدية ضمن الادوات المتاحة للجهاز المصرفي وبما ينسجم مع تطورات النشاط الاقتصادي للسوق الاردني و المستجدات التي تطرأ على أسعار الفائدة في أسواق النقد العالمية وبشكل يوازن بين المزايا التي توفرها أسعار الفائدة المدينة لتشجيع النشاط الاقتصادي من جهة، والضغوط التضخمية المرافقة لمثل هذه الأسعار، والتي تهدد الاستقرار النقدي من جهة أخرى .

لذلك فإن كلفة عدم مواكبة البنك المركزي لقرار تغيير أسعار الفائدة على النحو الذي يفترض ان يقوم به ، سيشكل خطر محتمل على الاستقرار الكلي للاقتصاد الوطني وعلى استقرار سعر الصرف لتكون جاذبه للاستثمار والتداول

سياسات ذكية تتصف بالمرونة والتحديث للبنك المركزي

ضمن التاريخ المعهود للجهاز المصرفي في الدولة ، سمح البنك المركزي لأسعار الفوائد بالانخفاض خلال السنوات الماضية عندما كانت المستجدات والتطورات لمتغير أسعار الفوائد في أسواق النقد العالمية والتطورات الاقتصادية المحلية تتطلب ذلك ، ولكن عندما بدأت أسعار الفوائد العالمية تتجه نحو الارتفاع ، وخاصة أسعار الفوائد على الدولار الأميركي ، ولمواجهة الضغوط التضخمية المرافقة نتيجة لهذا الارتفاع العالمي في أسعار السلع الأساسية، والمعادن ، والطاقة ( النفط والغاز ) ، وانعكاس ذلك على الميزان التجاري لهوامش الاستيراد والتصدير والتضخم المستورد في المملكة ، فقد قام البنك المركزي منذ شهر آذار لعام 2022 برفع أسعار الفوائد على أدوات سياسته النقدية ثلاث مرات بواقع 125 نقطة أساس على كافة أدواته، باستثناء سعر فائدة نافذة الإيداع لليلة واحدة بواقع 150 نقطة أساس .

الوضع العام للإقليم

من المفهوم أنه لا يمكن للأردن أن ينأى بنفسه عن هذه التطورات السريعة والمستجدات - كونه يصنف الاقتصاد الأردني باقتصاد ناشئ - في حين أن أسعار الفائدة تأخذ منحى آخر، ولكوننا جزء من هذا العالم فمن الطبيعي أن نتأثر تباعا حالنا حال باقي الدول ، و لذلك سيكون هناك انعكاسات قد تكون سلبية على الاقتصاد الوطني ونذكر منها خروج بعض الاستثمارات المحلية ذات الصفة المصنعية لارتفاع كلف الطاقة وغيرها من الأسباب ، و يرافقها انخفاض في حجم حوالات المغتربين إلى الأردن ، إذ إن البنوك المركزية للدول التي تتخذ من أسعار الفائدة على عملاتها الوطنية منهجا وركيزة أساسية تهدف لرفع منسوب استثمار رؤوس الأموال العالمية وعقد صفقات كبيرة لتغطي هامش الانحراف ومعالجته .

رؤيا البنك المركزي والسياسات النقدية المتبعة

يقوم البنك المركزي في هذا السياق بعمل زيادة مطردة لرفع جاذبية الدينار الأردني من خلال المحافظة على هامش فرق جاذب لصالح العملة الوطنية مقارنة بهامش الفائدة الدائن على الدولار الأمريكي .

والسبب في ذلك ، إن قرار البنك المركزي برفع اسعار الفوائد هوقرار اقتصادي متزن ومتين لأجل المحافظة على معدل فروقات ثابتة وجاذبة بين الدينار و الدولار بهدف ضمان استمرارية الاستقرار النقدي الذي يعتبر المؤشر الرئيسي للاستقرار الاقتصادي في الدولة ، وفي حال عدم استجابة البنك المركزي للمستجدات ولمتغيرات رفع أسعار الفوائد على أدواته النقدية فإن ذلك سيؤدي إلى تقليل هذه الهوامش ، الامر الذي سينعكس سلباً على جاذبية الدينار مقابل الدولار ، وفي هذا السياق سينخفض حجم الودائع بالدينار، وتزداد الودائع بالعملات الأجنبية ، مما سيؤدي إلى ارتفاع معدل ما يسمى بالدولره ، ويؤثر بشكل مباشر على مستوى الاحتياطي من العملات الأجنبية والذي بلغ مؤخرا 17.500 مليار دولار .


مواضيع قد تهمك