الأخبار

متلازمة ما بعد كورونا لا تستدعي تدخلا طبيا

متلازمة ما بعد كورونا لا تستدعي تدخلا طبيا
أخبارنا :  

عمان ــ بشرى نيروخ ــ ما زال مرضى يعانون من آثار وتداعيات فيروس كورونا كضيق التنفس وعدم التركيز وضعف الذاكرة وآلام المفاصل، رغم مرور أشهر عديدة على إصابتهم، وهو ما يثير قلق ومخاوف الكثيرين منهم من مضاعفات قد تتدحرج إلى ما هو أبعد من ذلك.
أطباء متخصصون بينوا في أحاديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن متلازمة ما بعد كورونا، هي مشكلات صحية يعاني منها بعض الناجين من عدوى كورونا، وقد تمتد من ثلاثة أسابيع إلى سنة، ولا حاجة للتدخل الطبي، مشيرين الى انه لا داعي للقلق منها، اذ هي أعراض بسيطة، وليس لها تأثير على المدى البعيد، وهو ما أكده امين عام الرعاية الصحية الأولية والأوبئة في وزارة الصحة الدكتور رائد الشبول.
وأكد الدكتور الشبول أهمية الوقاية بالتطعيم من خلال تلقي الجرعة الأولى والثانية والثالثة المعززة واتخاذ الإجراءات الوقائية ما أمكن، والامتثال لأوامر الدفاع 35، مبينا أن المتحورات هي عدو مجهول، وعلى الرغم من سرعة انتشار متحور أوميكرون، إلا أن مضاعفاته أقل من المتحورات الأخرى.
واضاف، ان مدة العزل في حال الإصابة أصبحت أقل من سبعة أيام لمن لا يظهر عليهم أعراض مرضية، وعشرة أيام للمرضى الذين يعانون من الأعراض، على أن تكون آخر 24 ساعة بدون اعراض، مثل ارتفاع درجة الحرارة، متوقعا انتهاء الموجة الرابعة بين شهري آذار ونيسان المقبلين، والعودة إلى صيف آمن كالعام الماضي بدءا من تموز المقبل.
رئيس جمعية اطباء الحساسية والمناعة الأردنية الدكتور هاني عبابنة، أوضح أن متلازمة ما بعد كورونا تدهم الشخص بعد ثلاثة أشهر من اصابته، ومن تلك الأعراض، صعوبة التنفس وإعياء عام مع ضبابية الدماغ وعدم تركيز وصداع واضطرابات نفسية وعصبية، بالإضافة الى آلام في العضلات والمفاصل مع عطس وسعال، وغيرها من الأعراض.
وشدد عبابنة وهو مستشار أول حساسية ومناعة، على انه لا حاجه للتدخل الطبي لدى حدوث المتلازمة، وقال، انه لا يوجد علاج محدد وشاف للحالات التي تظهر عليها تلك الأعراض، ولا يوجد علاج سحري للشفاء الفوري منها كما يشاع على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار الى انه لا فائدة من الأعشاب والمشروبات والخلطات والمكملات الغذائية، داعيا إلى تقبل الوضع وعدم الفزع مع اخذ علاج طبيعي للأعراض اذا لزم ذلك.
اختصاصي الالتهابات الميكروبية الدكتور منتصر البلبيسي، لفت الانتباه إلى أنه بعد الإصابة الشديدة بفيروس كورونا، قد تبقى أعراض تنفسية لفترة طويلة، وقد يمتد تأثير الإصابة ليطال عمل أجهزة أخرى بالجسم، إذ تبقى لفترة طويلة برغم العلاجات.
دراسة أجراها باحثون في جامعتي اكسفورد وشيفيلد في المملكة المتحدة العام الماضي، أفادت أن بعض الاشخاص الذين اصيبوا بمتلازمة كورونا، قد يكون لديهم تلف خفي في رئاتهم.
فيما أظهرت نتائج دراسة محلية أجرتها جامعة مؤتة العام الماضي بعنوان "خصائص وعوامل الاختطار المؤدية للإصابة بمتلازمة ما بعد الشفاء من فيروس كورونا في الأردن"؛ على 657 مريضا من جميع أنحاء المملكة تعافوا من الفيروس، أن نسبة المتلازمة تبلغ نحو 9ر71 بالمئة، وأن كثيرا من الأعراض التي يشكو منها المريض بعد أشهر من الشفاء، تتمثل بضيق التنفس، والارهاق، واضطراب الشم والتذوق ومشاكل بالبصر والعين، والاكتئاب.
كما كشفت الدراسة وهي الاولى في الأردن والشرق الأوسط عن عوامل الاختطار المؤدية إلى الإصابة بمتلازمة ما بعد كورونا، منها العمر إذا زاد على 30 عاما، والأمراض المصاحبة كالسكري، وارتفاع ضغط الدم والجهاز التنفسي، مشيرة إلى أن المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية وعصبية أثناء فترة الاصابة هم الأكثر عرضة للإصابة بهذه المتلازمة.
مستشار التخدير ومعالجة الألم الدكتور منير الشواقفة، بين أن متلازمة ما بعد كورونا، أو ما يسمى بـ "كوفيد طويل الأمد"، يكتنفه غموض بالنظر الى أوضاعه لدى عدد لا بأس به من المرضى، ولا بد من إعطاء أولوية قصوى له، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن بعض الدراسات ركّزت على المرض، إلا أنه بات من غير الواضح معرفة أسباب استمرار أعراض الفيروس لدى بعض من أصيبوا به لأشهر عديدة.
ويشير الشواقفة الى دراسات حديثة أوضحت ان بعض المتعافين من ذوي الاعراض البسيطة وأغلبهم ممن لم يحتاجوا للعلاج بالمستشفى، تأثروا من المرض لفترات طويلة تصل لأشهر بعد الشفاء، واغلبهم ما يزالون يعانون من ضيق التنفس والصدر، والصداع، والإرهاق العام وآلام بالعضلات، وصعوبة في المشي وممارسة الأنشطة اليومية البسيطة وغيرها من الأعراض التي استمرت حتى بعد ثلاثة اشهر من ظهور اول عرض.
وكانت منظمة الصحة أشارت إلى أن واحدا من كل عشرة مصابين بـ "كوفيد-19" يشعرون بأنهم ليسوا على ما يرام بعد 12 أسبوعا، والكثير منهم لفترة أطول بكثير.
الشواقفة أكّد ما ذهب إليه علماء وباحثون في الولايات المتحدة الأميركية من أن حاسة الشم عند المصابين بالفيروس قد لا تعود كما كانت لجميع المرضى بعد شفائهم، وفقا لدراسات أثبتت أن الفيروس قد يكون توغل إلى الدماغ عبر مستقبلات الشم في الأنف، ومنها إلى الجهاز العصبي المركزي.
وتساءل الشواقفة عما إذا كانت هذه الاعراض هي ما يسمى بمتلازمة الاجهاد بعد التعافي من الفيروس ام انها من مضاعفات الاصابة بالفيروس وهو ما يمكن وصفه بـ "كوفيد طويل الأمد"؟ عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية ومتابعة الآثار الجانبية للقاحات "كوفيد- 19" الدكتور ضرار بلعاوي، بين أن متلازمة ما بعد كورونا عادة ما تصيب أولئك الذين تعافوا من الاصابة الشديدة لكورونا بعد دخولهم المستشفيات أو غرف العناية الحثيثة.
وأوضح بلعاوي أن بعضا من هؤلاء يصاب بالتهابات في الجهاز العصبي، والإنسان ويصبح معها المتعافي كثير النسيان وهو ما يطلق عليه بـ "ضبابية الدماغ"، فيما يصاب آخرون بالتهابات في القلب وقصور في الكلى والكبد والجلد، أو بفقدان حاستي الشم والتذوق ومنهم من يصاب بداء السكري وضغط الدم.
وقال بلعاوي وهو مستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض المعدية، إن أعراض "كوفيد-19" ليست تنفسية فقط وإنما تمتد لأعضاء وأجهزة الجسم الأخرى، وتتباين مدة زوالها من ثلاثة أسابيع إلى سنة، ولا يتم التدخل الطبي بها ولكن تحتاج إلى وقت.
وكشف عن ان الفيروسات من نوع (ار آن ايه) كعائلة فيروسات كورونا، كثيرة الطفرات، إلا أن طفراتها ليست من صالحها، وهناك رهان على ان يضعف ذلك فيروس كورونا وان يصبح موسميا مثل فيروسات الزكام الاخرى والانفلونزا.
وأشار بلعاوي إلى العدد الكبير من المتحورات التي يتجاوز عددها 5 آلاف وأن الفيروس يتحور كي يبقى باقيا، مبينا ان متحور أوميكرون سجل حتى اللحظة خمسين طفرة، فهو الأضعف من حيث الاعراض والإصابات رغم سرعة انتشاره، فضلا عن ضعف قدرته على إدخال المصابين للمستشفيات بنسبة سبعين بالمئة مقارنة مع دلتا.
وحول ما إذا كان فيروس كورونا باقيا في الجسم حتى بعد الشفاء، أفاد المتخصص في تشخيص أمراض الجهاز التنفسي الدكتور محمد عبد الحميد القضاة، "ان عامل المناعة يعمل على إضعاف المكونات الفاعلة للفيروس المسببة للمرض وعند الشفاء تبقى بقايا غير فاعلة منه، باعتبارها خلاصة معركة أو بقايا حطام من الجهاز المناعي ومن الفيروس نفسه، إذ تصطادها الأجهزة أثناء إجراء الفحوصات التشخيصية.
استشاري الطب النفسي والادمان الدكتور فلاح التميمي، أوضح أنه مع بداية الجائحة، ظهرت مشاعر سلبية تجاه كورونا من وقلق وغضب وخيبة أمل وخوف من المجهول، سواء لدى المصابين به أو غيرهم، لكن مع طول أمد الإصابة ازدادت حالات الإصابة بالأمراض النفسية، كالاكتئاب والقلق واضطرابات ما بعد الصدمة واضطرابات أخرى في النوم والأكل، واضطرابات نفسية لدى الأطفال، إضافة إلى انتكاسات الأمراض الذهانية مثل الفصام والهوس والاكتئاب.
وقال، ان الامراض النفسية تؤدي الى اعراض جسدية دائما، وتتبادل الأدوار فيما بينها، ذلك أن كثيرا ممن أصيبوا بالمرض، ظهر عليهم تبعات نفسية في اول ستة أشهر من إصابتهم من شفائهم، مثل مشاكل في النوم والقلق والخوف ومشاعر وأفكار سلبية، مبينا أهمية زيارة المعالج النفسي وتغيير نظام الحياة، للتمتع بصحة أفضل.
--(بترا)

مواضيع قد تهمك