الأخبار

محمد خروب : هل يتجاوَب «كُرد سوريا» مع «نصيحة» موسكو؟

محمد خروب : هل يتجاوَب «كُرد سوريا» مع «نصيحة» موسكو؟
أخبارنا :  

محمد خروب :


مرّة أخرى وفي مؤتمر صحفي حول نتائج الدبلوماسية الروسية في عام2021, جدّد وزير الخارجية لافروف دعوته كُرد سوريا الى «إطلاق» حوار جاد مع دمشق, لافتاً إلى مسألة تعويل قيادتهم على الوجود الأميركي غير الشرعي في سوريا. والمقصود بقيادة كُرد سوريا هنا هو «مجلس سوريا الديموقراطية/مسد», الذراع السياسي لقوات سوريا الديموقراطية/قسد».

 

«وَهْم» الرهان على الأميركيين يُعشعش في عقول الرئيسة التنفيذية لـ«مسد»/إلهام أحمد ورفاقها, والأخيرة زارت موسكو أكثر من مرة آخرها في شهر 11/2021, حيث لم تتجاوب القيادة السياسية الكردية كما القيادة العسكرية الكردية مع اقتراح موسكو إرسال ثلاثة آلاف جندي سوري إلى مدينة عين العرب/كوباني لمواجهة التهديد التركي باجتياحها, بل واصَلوا الانخراط في عملية النهب الأميركي المستمر للنفط السوري، إذ أخرجت القوات الأميركية المحتلة في 9/1/2022 رتلاً من 79 آلية بينها صهاريج مُحمّلة بالنفط المسروق، إضافة إلى برّادات وناقلات وعدد من الشاحنات إلى شمالي العراق، كان سبقها قبل ثلاثة أيام 6/1/2022 رتل آخر من 60 آلية فيها ناقلات وبرّادات وصهاريج محملة بالنفط السوري المنهوب.

 

وإذ شارك السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد (دون تنسيق مُسبَق وبلغة وأهداف مختلفة بالطبع) الوزير لافروف في دعوته يوم 9/1 الجاري, كرد سوريا إلى إطلاق حوار مع دمشق عندما قال ناصحاً كرد سوريا: بـ«العثور على طريقة للتوصّل إلى اتّفاق مع حكومة دمشق, لتحصيل إقرار بعض الحقوق التي تساويهم بباقي الشعب السوري كما زعَم، في الوقت الذي اعتبر فيه أنّ ذلك «لن يكون سهلاً بل سيكون غاية في الصعوبة»، متسائلاً: هل ستبقى إدارتهم الذاتية الحالية وسيطرتهم؟ مُجيباً على سؤاله قائلاً: «أغلب الظنّ لا..في البداية على الأقل». فإنّ ما لفت إليه الوزير الروسي في معرض شرحه لما قام به كُرد سوريا في المراحل السابقة, يكشف ضمن أمور أخرى انعدام الصدقية وغياب النِيّات الحسنة لدى الذين يقودون كرد سوريا في هذه المرحلة، إذ تغلب على معظمهم نزعات الانفصال على عكس كلّ ما يزعمون ويُصرحون به, حول «إيمانهم» بوحدة الأراضي السورية ونفيهم محاولات الانفصال وإقامة كيان كردي مستقلّ, في مناطق يدّعون أنّها كردية, فيما الواقع الميداني يفضح ذلك خاصّة تمدّدهم بمساعدة المحتلّ الأميركي إلى مناطق عربية خاصّة شرق الفرات وعلى تخوم دير الزور والرقة.

 

قال رئيس الدبلوماسية الروسية في مؤتمره الصحفي, في إشارة لا تخلو من دلالة أقرب إلى اتّهام الكرد بالمناورة وشراء الوقت: «الأكراد..عندما أعلنَت إدارة الرئيس الأميركي السابق ترمب نيّتها سحب قوّاتها من سوريا بالكامل..تواصلوا/الكرد فوراً مع روسيا, بطلب مساعدتهم في إطلاق حوار مع دمشق, غير أنّ–أضاف لافروف–اهتمامهم بذلك «اختفى» بمجرد مراجعة واشنطن قرارها، مُستطرِداً في إشارة أخرى أكثر بلاغة وعمقاً سياسياً قاصداً إيصال رسالة أشبه بالتحذير لقيادة الكرد:"هذه هي الحياة، لكن الأُفق يجب أن يكون أبعد بالنسبة للسياسيين الأكراد، لا شكّ أنّ الأميركيين ليسوا مَن يُحدّد مصير سوريا».

 

هنا والآن تحضر الألاعيب التي تُواصل قيادات «قسد» و"مسد» القيام بها في محاولات عبثية لخلط الأوراق والتنسيق/التواطؤ مع المحتلّ الأميركي, الذي ورغم الهزيمة المُذلة التي لحقت به في أفغانستان لم يتّعِظ ولم يستخلص دروس وعِبر حربي أفغانستان والعراق. حيث ما يزال يُخطط للمشروع الانفصالي الكردي, الذي يُداعب خيالات قيادات الكرد رغم الفشل الذي حصدوه طوال الفترة التي بسطوا سطوتهم على شمال سوريا وشرق الفرات, ظناً منهم أنّهم بالاحتماء بالمحتلّ الأميركي قادرون على مواجهة الشعب السوري في شمال البلاد كما الحكومة في دمشق، ناهيك عن التقاء أهدافهم (وإن كانت مُتعاكِسة) مع أهداف تركيا, الذي لا فقط يُواصل تتريك شمال سوريا ودعم مشروع «إمارة إدلب» بقيادة الإرهابي أبو محمد الجولاني/زعيم هيئة تحرير الشام، بما هي ذراع تنظيم القاعدة في بلاد الشام، بل وأيضاً سعي أردوغان إلى ضمّ مناطق غزواته الثلاث/درع الفرات، غصن الزيتون ونبع السلام, ما سيقوِّض مشروع الانفصال الكردي. لهذا -مثلاً- رأينا كيف «تخلّى» أردوغان عن عملية الاجتياح «الكبرى» التي لوّح بها الشمال السوري وصولاً إلى شرق الفرات, بعد أن كان حشد آلاف الجنود والعتاد لذلك..

 

ما يقوم به كُرد سوريا من عمليات تخريب للحوار مع دمشق, وما يرتكبونه من جرائم وتنكيل وابتزاز للمدنيين السوريين في تخوم دير الزور والرقة, عبر التجنيد الإجباري وفرض الخاوات والتقصير المُبرمج في مواجهة هجمات تنظيم داعش, الذي تأتي «الحوّامات» الأميركية بهم من قاعدة «التنف» بعد تدريبهم، و«اشتراط» الكرد على دمشق تعديل الدستور لجعل سوريا دولة «لا مركزية» تعترف بهم كمنطقة حكم ذاتي, ذلك كله لن يُسهِم إلّا في زيادة عزلتهم ويُعجِّل بسقوط مشروعهم الإنفصالي. ــ الراي



مواضيع قد تهمك