الأخبار

انطلاق مؤتمر المجتمع الأردني في مئة عام

انطلاق مؤتمر المجتمع الأردني في مئة عام
أخبارنا :  

انطلقت، اليوم الاثنين، جلسات مؤتمر المجتمع الأردني في مئة عام في الجامعة الأردنية؛ بمناسبة احتفالها بمئوية الدولة الأردنية، شارك فيه خبراء وباحثون ومختصون من داخل الأردن والعالم العربي والمجتمع الدولي.
وقال رئيس الجامعة الدكتور نذير عبيدات، إن المؤتمر، الذي يرعاه وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، سيلخّص مئة عام من إنجازات تحققت في تاريخ الدولة الأردنية، سيخبر بها الأكاديميون وعلماء الإسلام والاجتماع والتاريخ والسياسيون ومن يملكون أغلب المعارف والخبرة، ممّن عاصروا عمر الدولة منذ بداية تأسيسها أو بعدها بقليل.
وقال عبيدات "إننا بروح أردنية مفعمة بالعز والجمال سنرسم طريقا برؤية جماعية مشتركة؛ لتكون أردننا في المئوية القادمة حضنا لكل أردني وإنسان يعيش فوق ترابها، وتكون دولة مؤسسة على التفكير العميق والدراسة المستفيضة والتخطيط السليم".
بدوره، أوضح رئيس اللجنة التنفيذية ونائب رئيس الجامعة لشؤون الكليات الإنسانية الدكتور أحمد مجدوبة، أن المؤتمر، الذي جاء ضمن الخطة الوطنية لاحتفالية المملكة بمئوية تأسيسها، وسلسلة مؤتمرات وفعاليات تنظمها الجامعة بهذه المناسبة، يُعدُّ سبيلا للاحتفاء بمنجزات الدولة على مختلف الصعد، ودراسة للتحديات والعقبات والإشكالات التي واجهتها، إضافة إلى استشراف مستقبلها والتخطيط له.
ولفت مجدوبة إلى أن المؤتمر، الذي يتزامن مع ذكرى المولد النبوي الشريف، خصص جلسة كاملة لرسالة الإسلام الحضارية السمحة، لتسلط الضوء على رسالته المليئة بالمحبة والتآخي والسلم والعلم والمعرفة والتقدم والازدهار.
وأشار إلى أن المؤتمر سيوثق الجلسات وسيسجلها بالكلمة والصوت والصورة بهدف إتاحتها للمهتمين في أي وقت للرجوع إليها، كما سيتم إتاحة محتوى الأوراق والطروحات للطلبة الذين سيحملون لواء المئوية الثانية.
وفي ذات السياق، ألقى الشاعر حيدر محمود خلال الجلسة الافتتاحية قصيدته "هنا رغدان"، التي لحنّها الدكتور محمد واصف وغنّتها نتالي سمعان ويزن الصباغ.
يشار إلى أن المؤتمر يشتمل على خمسة محاور رئيسية يتحدث فيها 100 مشاركٍ عمّا يتعلق بتطور المجتمع الأردني وتطلعاته المستقبلية والتحديات التي تواجهه، إضافة إلى أبحاث ودراسات لها علاقة بموضوع المؤتمر ومحاوره الرئيسية، إضافة إلى عدد من المقالات غير البحثية موزعة على عشرين جلسة تتعلق بالمجتمع الأردني في المئة عام الماضية بأبعاده المختلفة، إضافة إلى المنجزات التي تحققت في تلك الفترة، والتحديات التي ما زالت قائمة، والدروس المستفادة من التجارب الماضية والحاضرة.
إلى ذلك، سيُعقد على هامش المؤتمر عدد من الموائد النقاشية في الكليات والمراكز حول قضايا مختلفة تشمل المرأة والصحة النفسية واللغة والتواصل.

وافتتح الجلسة الأولى من المؤتمر رئيس الوزراء السابق الدكتور فايز الطراونة، والذي تناول المحور السياسي؛ حيث عرض لدور الهاشميين بدءا من الشهيد المؤسس الملك عبدالله الاول في الحصول على الاستقلال والحفاظ عليه.
وأشار الطراونة في ورقته، تحت عنوان: "هل استطاع الأردن الحفاظ على استقلاليته؟"، إلى "امتحانات" شهدها الأردن بعد حصوله على الاستقلال عام 1946، وكان أولها حرب 1948، كما تحدث عن الأب الباني الملك حسين رحمه الله واهتمامه بالحفاظ على الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي، وتعريب الجيش، والتحديات السياسية والاقتصادية الناتجة عن الغاء المعاهدة مع بريطانيا، ثم حرب 67، وبعدها موقف الأردن من الحرب العراقية- الايرانية، وحرب الخليج ودعوته للحل السلمي تجاهها، ورفض المشاركة في مفاوضات كامب ديفيد.
وتناول الطراونة التحديات بعد تولي جلالة الملك عبدالله الثاني، منها احتلال العراق وافغانستان، ومحاولته منع عمل عسكري ضد العراق، واستعادة الاراضي الأردنية، (الباقورة والغمر)، ورفض صفقة القرن. وقال "إن الأردن لديه مجتمع ونسيج اجتماعي قوي ليس فيه تناقضات، إضافة إلى وجود قوات مسلحة تقف خلفه، وأنه يؤمن بالحلول والطرق السلمية لحل النزاعات، ورسالة عمان التي أكدت الصورة الحقيقية للإسلام ، كلها ساهمت في الحفاظ على الاستقلالية" . وفي سياق متصل، تحدث العين الدكتور محمد المومني في ورقته "عناصر قوة الدولة في مئويتها الأولى" ولخصها في أربعة أركان: الأول هو القيادة العقلانية الرشيدة حيث أنها قيادة تتميز بالتسامح وسعة الصدر والعقلانية، إضافة إلى الشورى، والثاني: مؤسسات مدنية وعسكرية محترفة وقادرة وكفؤة.
أما الركن الثالث، فهو الإنسان الأردني المتعلم المثقف حيث قال إن نظام التعليم فيه ليبرالي لم يكن ذا توجه معين فانتج مواطنا متعلما وواعيا، أما الركن الرابع، فهو فلسفة حكم الدولة الأردنية والتي تتميز بأنه وسطي معتدل متزن، حافظ على الاتزان والاعتدال واستخدام اللغة الدبلوماسية التي تجنبنا العداوة والبغضاء. وعن ورقة رئيس الديوان الملكي السابق عدنان ابو عودة "التأسيس، البناء، الاستكمال"، التي ألقاها نيابة عنه، الدكتور فيصل الرفوع فقد تناولت حقبة تأسيس الأردن والظروف المحيطة بفترة ما قبل التأسيس والأحداث في ذلك الوقت بعد الحرب العالمية الأولى وتقسيم المنطقة من خلال معاهدة سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا، ثم تشكيل إمارة شرق الأردن عام 1921، ثم استقلال الأردن عام 1946 ثم الاحداث التي عقبت استقلال الاردن كتعريب الجيش العربي.
وقسم عُمر الأردن الى ثلاث مراحل: حقبة التأسيس في عهد جلالة الملك عبدالله الأول، وحقبة البناء في ظل المغفور له جلال الملك الحسين، وتحدث عن الفترة اللاحقة وسماها فترة الفوضى في التاريخ العربي التي شهدت حروب وانقلابات عسكرية في سوريا ومصر والعراق واليمن ثم لبنان خلال الأعوام 1956- 1962. وتحدث عن فترة استكمال البناء في عهد جلال الملك عبد الله الثاني ودخول الاردن الحقبة الثالثة وهي استكمال عملية البناء والتطوير وركز على الموروث التاريخي وفكره منذ عهد الملك المؤسس والملك المشرع الملك طلال والملك الباني الحسين بن طلال وجاءت الأوراق النقاشية التي لخصت حزمة المنظور المستقبلي لدولة دستورية يحكمها القانون والتعددية الحزبية.

وركزت الجلسة الثانية، التي أدارها رئيس المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج، الدكتور عزمي محافظة، على المحور التعليمي، وتحدث فيها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران عن إنجازات المئوية الأولى وتحديات المئوية الثانية في التعليم، وقال إن "هناك تراكمات ناضجة عبر الممالك، وأن الأردن قد نجح منذ تأسيسه كما يجب في تحقيق أعجوبة في التعليم".
وأضاف أن التعليم مر بأربع ممالك عنوَنَها بدران بـ "التاءات الأربعة" وهي: مرحلة التأسيس، وبدأت مع إنشاء مدرسة السلط ولجوء الكثير من الطلبة إليها والدراسة فيها، حيث كان التعليم المهنة الأكثر حظًا وقيمة، ومرحلة التكوين التي جاءت بعد أن صدر الدستور المنبثق من مبادئ حقوق الإنسان، وكانت بداية ظهور الجامعات ومرحلة التمكين، الذي يعود للمغفور له الملك الحسين بن طلال، حيث بنى وأسس الجامعات والمدارس، وختاما مرحلة التعزيز، حيث وصل التعليم في هذه الفترة إلى مرحلة متقدمة، حيث وصل عدد المدارس فيها إلى 8 آلاف مدرسة ونحو 115ر2 مليون طالب.
وبين أن جميع ما سبق ذكره، يوجب التركيز على نقطة غاية في الأهمية، وهي أن الأردن ورغم شح موارده وصل إلى درجات عليا في التعليم تضاهي البلدان الغنية والمتقدمة، مؤكدا أهمية التحول من مجتمع ريعي إلى مجتمع إنتاجي، مضيفا "وهذا ما لم نلاحظه خلال مسيرة التعليم الطويلة". وتابع بدران، إن التعليم العالي بدأ مع تأسيس الجامعة الأردنية في ستينات القرن المنصرم، ومع نهاية المئوية الأولى أصبح هناك 30 جامعة و45 كلية، موضحا أن اقتصاديات التعليم تعد عالية جدا ورفدت الدولة بأموال وميزانيات ضخمة، مشيرا إلى أن "من يقول غير ذلك فهو واهم، ويمكننا القول أن تطوير التعليم قد نجح في الأردن وخدم نهضته".
وفي سياق حديثه عن تحديات التعليم في المئوية الثانية، قال بدران "إننا يجب أن ننتقل بالتعليم من وضعه الحالي إلى الإنتاج وبناء الثروات"، مضيفا أنه "لا يجوز مع هذه البنية التعليمية الضخمة، إلا أن ننتقل من الكم إلى الكيف". ودعا إلى التوجه لتنمية القطاعات الزراعية والصناعية والابتكار فيما يخص مخرجات البحث العلمي، والاستفادة من إنشاء شركات ناشئة من الخريجين وبناء حوكمة رشيدة، مؤكدا ضرورة الانتقال إلى الاقتصاد المعرفي والرقمي وتحويل الموارد البشرية من البطالة إلى موارد ذكية ثرية لتتحقق أهداف التنمية المستدامة.
وأشار بدران في ختام حديثه إلى تشوهات برزت في التعليم يجب ازالتها بالتركيز على احترام الاختلاف والحضارات الأخرى، وإعادة صناعة المدرسة والجامعة، وتعديل أجور المعلم وإعطاء الجامعات مزيدا من الاستقلالية. بدوره، عرض وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الدكتور وجيه عويس، مراحل تطور التعليم الجامعي في الأردن ولخصها بأربع حقب زمنية، الأولى خلال الأعوام (1962 - 1987) حيث أطلق عليها مسمى الفترة الذهبية التي انحصر فيها التعليم في الجامعات الرسمية، وكانت بدايات متواضعة حققت نجاحات كبيرة، ولاسيما مع بداية تأسيس الجامعة الأردنية، حيث اعتبر قرار انشائها قرارا استراتيجيا مهما، مضيفا أن الشعب هو من كان يمول التعليم في ذلك الحين.
والحقبة الثانية خلال الأعوام (1987 - 1997)، وهي مرحلة الوضع السياسي المضطرب في المنطقة، والذي أثر بشكل كبير على التعليم، تليه المرحلة الثلاثة خلال الأعوام (1997 - 2016 ) ووصفها بأنها مرحلة الاختلالات ووضع الاستراتيجيات، أما المرحلة الاخيرة فتبدأ من عام 2016 وحتى الآن وهي مرحلة الحلول المقترحة.
ودعا عويس الى أن يكون القبول في الجامعات مبني بالدرجة الأولى على رغبة الطالب وقدراته وليس على معدله الذي يجب أن يكون مدخل للجامعة وليس للتخصص. وفيما يخص مواطن الاختلالات والأخطاء الاستراتيجية في التعليم، قال عويس أنه مع توسع التعليم الجامعي وزيادة الإقبال عليه، تم العمل ببرنامج الموازي، فتضاعفت أعداد الطلبة، ما وضع الجميع أمام مشاكل مستقبلية في أعداد الخريجين وارتفاع نسب البطالة، وتراجع نوعية التعليم.
وطالب الجامعات الخاصة أن تستخدم إيراداتها لتطوير مرافقها، وأن تتوجه لفتح كليات تقنية هادفة، وأن تصل إلى مستوى أكاديمي رفيع يوازي الجامعات الحكومية، داعيا الى التوازن بين الجامعات الحكومية والخاصة من حيث الاعداد.
من جهتها، عرضت وزيرة الثقافة هيفاء النجار، مسيرة الأردن التعليمية وتأسيسه على مبادئ الوسطية والاعتدال والتنوير، وأكدت على أن التعليم يعتبر من أهم القطاعات التي تستوجب إعادة النظر فيه دائماً لمواكبة التسارع المطرد في مناحي الحياة المختلفة.
وأضافت أن المدرسة اليوم، لم تعد صفاً وكتاباً، إنما هي مجال حي يتفاعل فيه الجميع، وهي مؤسسات تحول مجتمعي ثقافي لمساعدة الطلبة على تشكيل هوياتهم الفردية والجمعية، ومشغل فني وحاضنة لكل الإبداعات المختلفة، ومنبر يتحاور من خلاله الطلبة بكل شفافية وجرأة، لكي يسيروا على طرق رسموها بأنفسهم ولم ترسم لهم مسبقاً، وبهذا يبني المواطن المسؤول المنتمي وطناً سقفه السماء.
ودعت النجار إلى الاستثمار في فرصة التعلم عن بعد، وتحويلها إلى أداة تعلم جديدة ليتم استغلالها خير استغلال، مبينة أن تجربة "التعليم عن بعد" كغيرها من استراتيجيات التعليم، تحمل في طياتها إيجابيات وسلبيات، مؤكدة أن استمرارية التعليم في هذه المرحلة أصبحت أكثر تحدياً للطلاب والمعلمين والمؤسسات التربوية.
وأوضحت أنه "أصبح لزاماً علينا أن نعيد النظر في مشروعنا التربوي بشكل تكاملي وعقلاني وأخلاقي وروحاني وجمعي وتعددي، وأن يكون مبنياً على فهمنا لتحديات الواقع ومتطلبات المستقبل وتطوراته المتسارعة". وفي الجلسة ذاتها، تطرق وزير التنمية الاجتماعية الأسبق الدكتور عبدالله عويدات، لمفهوم العولمة وأثرها على التعليم، والى الحاجة الملحةلفهم العلاقة بين العولمة والتربية، مشيرا إلى أن أي تغيير في المعرفة سيؤدي بنتيجة ايجابية على العملية التربوية.
وأكد عويدات أن جائحة فيروس كورونا قفزت بالأردن قفزة سريعة في التعليم، داعيا إلى استغلال ذلك في توفير الإمكانات والأدوات لتطوير التعليم بما يتناسب مع التكنولوجيا الحديثة، كما استعرض مسيرات مثل إسهام المدارس قديما في رفد الوطن بالخبرات والقامات التعليمية.
يتبع ....يتبع --(بترا)

مواضيع قد تهمك