الأخبار

د . قشوع : مع الملك ومع رسالته

د . قشوع : مع الملك ومع رسالته
أخبارنا :  

د . حازم قشوع :


لم يفتح صندوق باندورا من واقع اعمال صحافة استقصائية كما تم تسويقه، ولم يتم الكشف عن ما فيه من اوراق لتبيان الحقائق امام الرأي العام كما تم اعلانه، بل كان ذلك بناء على قرار تم اتخاذه في مايو الماضي، من قبل قادة الدول الاقتصادية السبع، بهدف إرغام شركات اف شور على دفع ضرائب 15 ٪ ليتسني اعتماد ذلك في اجتماع قمة العشرين القادمة، التي ستعقد في اكتوبر الحالي، وكانت مسألة اثارة بعض الاوراق القانونية جزءا من عملية التسويق، التي يراد تكوينها، حيث جاء ذلك من اجل تأجيج الراي العام العالمي، بهدف ايجاد حاضنة تدعم هذه التوجهات. تلك هي الحقيقة التي جعلت من مسألة باندورا تاخذ هذا الحيز من الاعلام وهذا الاهتمام العالمي الكبير، ويتم افراد هذه القضية امام الراي العام الدولي لاكتساب نصرة وتأييد في ظل مكانة الشركات التي ستتاثر بواقع هذا القرار.
فالدول ذات الملاذ الضريبي الآمن، هي المستهدفة كما الشركات التي اتخذت من هذه الاماكن مركزا رئيسا لها ستكون ملاحقة في حال تم اقرار هذا القانون في قمة العشرين القادمة، وهذا سينطبق على شركات كبيرة مثل امازون وجوجل، وهو ما يفسر اسباب نزول قيمة الاسهم لها بطريقة كبيرة، حيث تتخذ شركة جوجل التي تقدر قيمتها بالف مليار دولار مثلا من ايرلندا مأمنا ضريبيا لها، وهي تدفع ضريبة صفرية، بينما لو سجلت هذه في الولايات المتحدة او المانيا لشكلت الضريبة لديها حوالي 40% من دخلها، وهذا ينطبق على غيرها من الشركات وفي الاماكن مثل سنغافورة وجزر فيوجن وهونج كونج وجوكايهان وامارة دبي التي تعتبر ايضا واحدة من مراكز الاستهداف على اعتبارها تشكل الحصن الضريبي الوحيد في الشرق الاوسط.
ولعل مسألة تجفيف مراكز الملاذ الامن الضريبي الذي يتم استهدافه، سيعيد خلط مراكز القوى المالية التي كانت آمنه بالقانون ومستقرة، و سيقود بشكل مباشر اعادة هذه الاموال الى مراكزها الرئيسية في الدول الكبرى؛ ما سيساعد هذه الدول على انهاء حالة الركود الاقتصادي التى جاءت جراء مناخات كورونا، وهذا ما يتوقع ان يعود بالفائدة على الحواضن الرئيسية لهذه الدول، وهي نقطة الاستهداف الرئيسة، والتي ينتظر ان يتم عبرها السيطرة على هذه الشركات بطريقة مباشرة وعلى نشاطاتها وودائعها وقيمتها السوقية، وهذا ما يعد تغييرا عميقا في المراكز المالية والمعرفية، حيث سيتم اعتماده للسيطرة على الاصول والتحكم بالحوانب المعرفية الاخرى التي جعلت من هذه الشركات مستقلة وحصينة في اموالها وفي طريقة اعمالها.
باندورا وهو الصندوق السحري الذي يحوي كما يحوي صندوق الحاوي بالاغراقية الكثير من الشرور، بحيث يشكل أداة ضاغطة على كل من يحاول التصدي لهذا القرار الذي تم اتخاذه ويجري تسويقه، او من يعيق مشروعا يراد ترسيمه. من هنا جاء الاستهداف للاردن ورمزيته باعتباره يشكل مركزا للوصل وعنوانا يمتلك مصداقية اقليمية ودولية يجب الحد من نفوذه السياسي ومن مرونة حركته التي باتت تشكل تهديدا لمصالح بعض القوى المحيطة او تلك التي خرجت خارج بيت القرار الرسمي ومازالت تريد العودة من الباب الخلفي عبر عرقلة جهود الاردن، وذلك بالتخفيف من وطأة ايقاعه ومن مقدار سرعته، والاردن ما زال المؤيد عالميا والمدعوم أمميا، وهذا ما بينه الموقف الرسمي في واشنطن والمحيط العربي في القاهرة الذي ابدى دعمه للسياسة الاردنية في جهودها تجاه تعزيز مناخات الامن والسلم في المنطقة، ان كان ذلك تجاه القضية المركزية للمنطقة او تجاه الحالة اللبنانية والسورية.
فالاردن يقود حالة استنهاض سلمي في المنطقة، ويمتلك مشروعا تنمويا نمائيا اقليميا كبيرا، فمن الطبيعي ان يتم التعرض لقيادته من هذا الطرف او ذاك في ورقة المائه مليون التي لا تكفي لشراء فندق متواضع فى البحر الميت، او طائرة خاصة، لكنه الاردن سيبقى القائد الذي يواجه التحديات بالمواجهة والشعب الاردني مع قيادته وهو قادر على قراءه السطور وما بينها ولن تنطلي عليه احجيات صندوق الحاوي الاغراقي وسيكون دائما مع الملك ومع رسالته. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك