الأخبار

خروب : السلطة الفلسطينية إذ تُراهِن على.. «مَوت» إسرائيل «ديموغرافياً»

خروب : السلطة الفلسطينية إذ تُراهِن على.. «مَوت» إسرائيل «ديموغرافياً»
أخبارنا :  

محمد خروب :


وسط حال غير مسبوقة من الغطرسة الصهيونية, المحمولة على إرث مقيم من العنصرية الاستيطانية الإحلالية. وفي وقت تدير فيه دولة العدو ورهط الداعمين لها.. وهم في ازدياد, إن على مستوى دول العالم أم خصوصاً في منطقتنا العربية، تُدير ظهرها بازدراء للتصريحات الكلامية الشّاجبة والمنددة بجرائمها وارتكاباتها, التي لم يعد ثمّة شكوك في أنّها جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية. يُطلق بعض أركان سلطة الحكم الذاتي في رام الله تصريحات جديدة تتحدّث عن سردية "أسطورية" طالما لجأ إليها كثيرون منذ اندلاع الصراع الفلسطيني/العربي - الإسرائيلي، قبل أزيد من مئة عام, في رهانٍ لا يتوقّف على "الرحم" الفلسطيني، كان آخرها ما نُسِب إلى رئيس حكومة السلطة محمد اشتيه، في لقاءٍ خاصّ مع عدد من صحافييّ الداخل الفلسطيني (48)، قال فيها بعد أن كرّر: "إنّ إسرائيل لا تريد أيّ نوع من الحلول.. لا حلّ الدولتين ولا حلّ الدولة الواحدة"... إذا تآكل - والقول له - حل الدولتين سنعود للمربع الأول لعام 1948, وعندئذ - أضاف - تصبح هناك قيادة واحدة للشعب الفلسطيني من البحر للنّهر، مُستطرداً: أريد أن أكرّر.. عندئذٍ ستصبح قيادة فلسطينية واحدة مُشترَكة لتطابق وحدة الشعب ووحدة الجغرافيا والقضية".

 

وإذ يصعب صرف النّظر عن "الاستسهال/الاستنسابية" التي مضى إليها رئيس حكومة السلطة, خاصّة في خلاصاته الأخيرة بشأن "وحدة الشعب والجغرافيا والقضية"، مُتجاهلاً الحال الفلسطينية الراهنة, التي تعاني انقساماً مريراً لم يسبق أن عانى منه الشعب الفلسطيني طوال عشرات السنين. في الوقت نفسه الذي "أهمل" فيه الخطط والمشروعات الصهيونية التوسعية/الاستيطانية التي لم تتوقف منذ أن رفع المستعمرون شعار "أرض أكثر وعرب أقل".. فإنّ توقّعه بـ"موت إسرائيل ديموغرافياً"، استند إلى أن - والتفسير اللاحق له - الخزّان البشري اليهودي في العالم قد نضب، وأنّ الصراع على فلسطين سينتهي بالضربات المتتالية لا بالضربات القاضية - موضّحاً أيضاً - أنّ الديموغرافيا عنصر مهم في الصراع، لذلك تحاول إسرائيل التخلّص من غزّة ودفعها نحو مصر".

 

فهل نحن أمّام قراءة طوباوية، يتجاهل أصحابها عن قصد معادلةَ الصراع وإفرازاته الميدانية وما تسجّله دولة الاحتلال من "إنجازات" على صعيد التهويد والأسرلة ومصادرة الأراضي وسياسات التهجير والإبعاد, وتحويل التجمّعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة، وتدمير ما تبقّى من الاقتصاد الفلسطيني بعد إلحاقه التّامّ بالاقتصاد الإسرائيلي، إضافة دائماً إلى حال الإهمال والحصار الذي تعيشه المدن والبلدات الفلسطينية في الدّاخل الفلسطيني/48، بعدما تمّت إماتتها "هيكلياً" ليس فقط بمصادرة الأراضي من مالكيها، بل وعدم السّماح لها برسم خرائط هيكلية تتناسب والنموّ السكاني الطبيعي وهدم البيوت (غير المرخصة), وهي لا تمنح أيّ تراخيص للبناء لا أفقياً ولا عمودياً مع نقص في موازناتها وهزال في مرافقها وخدماتها وبؤس في مدارسها.

 

فكيف يمكن والحال هذه الزعم بأنّ "وحدة" شعبية فلسطينية ستحصل؟، وأين هو المربع الأول الذي سيعيدنا إلى العام 1948؟

 

هل نضب الخزّان اليهودي في العالم؟

 

تجدر العودة إلى آخر تقرير أصدره مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي في مناسبة رأس السنة العبرية التي بدأت 7 أيلول الماضي. حيث نسبة اليهود بين سكّان فلسطين داخل الخطّ الأخضر بمن في ذلك أهالي القدس والجولان السوري المحتلّ.. 81.85%، فيما يشكّل فلسطينيو الدّاخل (بدون القدس والجولان) 18.15%. ما يعني أنّ الهجرة اليهودية إلى فلسطين مستمرة وبزخمٍ لا يتوقف.

 

أمّا الوكالة اليهودية الصهيونية فتقول في آخر إحصائية لها "إنّ عدد يهود العالم بمن فيهم يهود إسرائيل بلغ 15.2 مليون نسمة (وهو رقم لا تقبل به المؤسسة الدينية اليهودية الإسرائيلية, التي تُعرّف اليهودي بأنّه مَن أمّة يهودية، حيث تقدِّر عدد اليهود في العالم بأنّه لا يتجاوز 14.5 مليون نسمة).

 

المجال لا يتّسِع لإيراد عدد اليهود في دول العالم, كما جاء في إحصائية الوكالة اليهودية الصهيونية التي صدرت مؤخراً، إلا أنّ قلّة أو تراجُع عدد اليهود في العالم لا يعني أنّ الرهان على الديموغرافيا الفلسطينية هو السبيل لاسترجاع الحقوق والأرض، في ظلّ غياب أيّ بدائل أو نيّات وخصوصاً مشروعات تُوقِف حال الانهيار والتراجع الذي يواجهه المشروع الوطني الفلسطيني. بعد سقوط الرهانات على أوسلو ومخلفاته الكارثية ودائماً في ظلّ غياب الوحدة الوطنية الفلسطينية, التي تصدّعت في صراع الفصائل على الامتيازات والتمثيل والحقائب الوزارية في سُلطة لا سلطة لها.. كما قال أركان السلطة الفلسطينية أنفسهم. ــ الراي


مواضيع قد تهمك