الأخبار

خروب : رؤساء وساسة «غربِيّون» فاسدون ومرتشون.. ساركوزي مثالاً

خروب : رؤساء وساسة «غربِيّون» فاسدون ومرتشون.. ساركوزي مثالاً
أخبارنا :  

محمد خروب :


ما يزال بين ظهرانينا/ في بلاد العرب.. مُعجبون حدود الوَله بـِ«الرجل الأبيض», رغم كل ارتكاباته ومقارفاته وجرائمه السياسية والأخلاقية, على نحو لم يعودوا كما صوّروا أنفسهم بعد هجمة ثقافية محكمة، وحملات إعلامية مُنسّقة تخاطب غرائزنا أكثر مما تحترم عقولنا وخصوصياتنا, بأنّهم رسل الحرّيّة والديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية والحوكمة الرّشيدة، وغيرها من المصطلحات التي واظبوا على اختراعها وتصديرها لنا بمناسبة وغير مناسبة، على النحو الذي بتنا لا نقيم وزناً إلا لأخبارهم وتحليلاتهم وخصوصاً «نصائِحهم» التي لم تجلب لنا سوى الخيبة والخسران.

 

مع إصدار محكمة باريس الخميس الماضي حكماً بالسجن لمدة عام على الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، بعد إدانته بتمويل حملته الانتخابية بصورة غير قانونية، في إطار مسعاه للفوز بولاية ثانية في انتخابات العام 2012؛ فإنّه (ساركوزي) سجّل لنفسه رقماً قياسياً كأوّل رئيس فرنسي يُحكم بالسجن مع النفاذ, في سلسلة الفضائح التي طاردته وما تزال، حيث لم يَصدر بعد أيّ حكم بشأن الدعوى المُقامة عليه، وتخصّ حصوله على تمويل من العقيد الليبي الرّاحل معمر القذافي، من أجل حملته الرئاسية الأولى عام 2007 التي أوصلته إلى قصر الإليزيه.

 

الفضيحة الأولى التي حُكم عليه فيها آذار الماضي، بالسجن ثلاث سنوات منها عامان مع وقف التنفيذ، سميت قضية «التنصّت الهاتفي» بعد أن أُدين بمحاولة رشوة قاضٍ عام 2014 بعدما غادر قصر الاليزيه بعامين، إذ «وَعدَ» القاضي بضمان وظيفة مرموقة له، مقابل حصوله (ساركوزي) على معلومات قضائية حسّاسة بشأن ملف فساد آخر.

 

ويأتي الملف الأخير الذي حكمت المحكمة بسجنه مدة عام في الإقامة الجبرية في منزله مع سوار إلكتروني على معصمه، لمراقبة تحركاته في القضية المعروفة «بيجماليون», بعد إدانته بتهمة التمويل غير القانوني لحملته الرئاسية عام 2012 بعد تجاوُز المبلغ المُحدد للصرف على الحملات الانتخابية وهو 22 مليون يورو ليرتفع الرقم لديه إلى أزيد من 42 مليون يورو، بمعنى أنّه خرقَ مبدأ «المساواة في التمويل بين المُرشّحين». فراح «يُزوّر» فواتير عن مصاريف وهمية مُنكراً عِلمه بذلك، ما أدّى أيضاً إلى إدانة 13 شخصاً آخر في الملف ذاته بالتهمة ذاتها، وهي المساعدة في تمويل غير قانوني لحملة انتخابية.

 

ليس ساركوزي/ ابن المُهاجر اليهودي الهنغاري الذي قاد حملة تدمير ليبيا عام 2011 بالاشتراك مع حفيد المستعمرين البريطانيين ديفيد كاميرون، ولاحقاً بمشاركة حلف شمال الأطلسي, بقيادة من الخلف نهض بها أول رئيس أسود لأميركا وبقرار مُشين من جامعة عمرو موسى إياها. ليس ساركوزي وحده من ساسة الغرب الذي انزلقَ بحماسة وتخطيط مُسبق إلى مثل هذه الارتكابات المشينة، بل الملفات الغربية وخصوصاً الأميركية مكدّسة وطازجة, أبرزها ما قام به ترمب من تهرّب ضريبي وعدم تسليمه الملفات التي طُولِبَ بتسليمها لمصلحة الضرائب رغم الوعود التي أطلقها وانتهت ولايته ولم يسلّمها. ما اضطر جهات إنفاذ القانون إلى اقتحام مكاتبه ومصادرة ملفات ووثائق, راح بعدها يشكو ويتذمّر ويتّهم بأنّه مُستهدف. دون أن ننسى دولة الصهاينة وعشرات الفاسدين بدءاً برؤساء الحكومات والوزراء وليس انتهاء برهط غير بسيط من المُهرّبين والقراصنة, ومَن يمتهن تبييض الأموال ويجد في دولة الاحتلال ملاذاً آمناً كما الجزر والجمهوريات المعروفة بهذا النشاط الإجرامي.

 

اللافت في كلّ ما قارفه ساركوزي وقبله البريطاني المراوغ وشريك جورج بوش الصغير في غزو العراق وتدميره وقتل مئات الآلاف من العراقيين... طوني بلير، أنّ هناك مَن لا يزال وخاصّة في بلاد العرب يرى فيه المثال وصاحب الخبرة في السياسة الدولية والحُكم، ولهذا يواصلون الاستفادة «المَدفوعة» من خبراته. كما فعل ساسة ووزراء أُوروبّييون/أميركيون قبلهما، إذ نراهم يتصدّرون المنتديات الشهيرة وإلقاء المحاضرات في الجامعات، مراكز الأبحاث وعضوية مجالس إدارات الشركات, ودائماً في تأليف الكتب الصادرة عن أبرز وأهم دور النّشر في العالم، بل يتمّ الدفع المُسبق لهم بملايين الدولارات قبل أن يخطّوا أيّ كلمة في المذكرات المُنتظرة.

 

أمّا عرب اليوم.. فلا كتب ولا مُذكّرات ولا إصدارات، وهي إن صَدرتْ فإنها لا تحوي شيئاً مهما سوى تكريس الأنا، واختلاق البطولات والمواقف. وأكثر ما يدعو للأسى حدود السُخرية أنّ أحداً في الغرب لا يَخطب ودّ هؤلاء، ولا يستدعيهم للمشاركة (غير المدفوعة بالتأكيد) في المنتديات/والمؤتمرات وخصوصاً إلقاء المحاضرات. ــ الراي




مواضيع قد تهمك