الأخبار

الشريف : أعمال صغيرة

الشريف : أعمال صغيرة
أخبارنا :  

اسماعيل الشريف :


«في كل مرة تنفق فيها المال، أنت تدلي بصوتك لنوع العالم الذي تريد»، آنا لاب، كاتبة أمريكية.

في إحدى المقابلات التلفزيونية تحدث وزير العمل بشفافية كبيرة يُشكَر عليها، وحين سأله المحاور عن أرقام المحلات التجارية التي أغلقت بسبب الجائحة، كانت إجابته بأنه لا يعلم!
يطلق عليها الاقتصاديون «العولمة»، وأسميها هزيمة حضارية، حين تتهافت الشعوب على زجاجة كولا ووجبة بيرغر وبنطال جينز، وحين تفضل شرب قهوتها من المقاهي العالمية، وتشتري حاجيات المنزل من المتاجر الكبرى الأجنبية، ومخرجات الهزيمة لا تنتهي.
أطلقت الحكومة مجموعة من التسهيلات المهمة لجلب الاستثمار الأجنبي وتسهيل إقامات وأعمال رجال الأعمال من غير الأردنيين، وسنرى خطوات إضافية في القريب العاجل، هذه التسهيلات والامتيازات يحرم من معظمها المستثمر المحلي، والحجة أن هذه الاستثمارات توفر الوظائف، بالطبع لا أحد يستطيع أن يجادل في ذلك، ولكن في المقابل فأرباحها تخرج بالعملة الصعبة من البلاد، وتؤثر سلبًا على الأعمال الصغيرة التي لا تستطيع منافسة الشركات عابرة القارات.
هذه الشركات العملاقة في العادة تدافع عنها دولها وتحقق مصالحها، ويتحدث باسمها المسؤولون، وأحيانًا قد تفرض عقوبات اقتصادية بسببها، أو تمنع المساعدات أو حتى تتحرك الجيوش لعيونها.
تقول الدراسات العالمية: إن الأعمال الصغيرة توفر 60-80% من الوظائف الجديدة، و68% من إيراداتها تعود لتدور في عجلة الاقتصاد، و70% من الأعمال الصغيرة تعود ملكيتها لشخص واحد، ولا أعتقد أن الأرقام في الأردن تبتعد عن النسب العالمية هذه، ولكن مع هذه النسب المرتفعة التي توضح أهمية الأعمال الصغيرة، فهنالك جحود كبير من الجميع تجاهها.
لا أعرف حجم الأعمال الصغيرة والمحال التجارية التي أغلقت أبوابها أثناء كورونا، ولكن واجهات المحلات الفارغة ويافطات «للبيع» تنبئ بأن العدد كبير للغاية، على الرغم من محاولات الحكومات دعمها أثناء الجائحة. إحدى مشاكل هذه الأعمال أنها لا تتحمل مطلقًا أية هزات عنيفة في السوق، فرأسمالها عادة ما يكون بسيطًا، وحجم التسهيلات البنكية ضعيف، فهم من ينطبق عليهم دعاء «الصلاة الربية» أعطنا خبزنا كفاف يومنا.
لذلك بالإضافة إلى الدعم الحكومي فهنالك مسؤولية على الأفراد تنبع من الدافع الأخلاقي والواجب الاجتماعي والوعي الكافي لدعم الأعمال الصغيرة، فنستطيع كأفراد دعمها؛ على سبيل المثال لا الحصر: الشراء منها ما أمكن، والطلب مباشرة من المطاعم المحلية بدلًا من التطبيقات، فهذا سيوفر عليهم مبالغ جيدة، وأيضًا الكتابة بإيجابية على صفحتك عن أية تجربة مع مطعم أو منتج محلي والتصويت الإيجابي لهم، والمشاركة في صالات الرياضة المحلية، وكتابة تعليقات إيجابية عنهم، واستخدام الفنادق الصغيرة المحلية، والقائمة طويلة ولا تنتهي.
وهنالك مسؤولية على البنوك، في منح هذه الأعمال التسهيلات المطلوبة، وتشجيع الأفكار الإبداعية الخلاقة، فقبل سنوات قليلة حاولت الحصول على قرض من بنك بضمانات لمشروع جديد، ولم أفلح بذلك، فقد كان شرط البنوك أن يكون العمل قائمًا، وهذا أمر مؤسف.
وكذلك فعلى الدولة الاهتمام ببقاء المشاريع الصغيرة، وإطلاق المبادرات التي من شأنها المحافظة عليها ودعمها، فنجاحها هو انعكاس واضح لقوة ومتانة اقتصادنا. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك