الأخبار

الفايز : ابن اليهودية

الفايز : ابن اليهودية
أخبارنا :  

فايز الفايز :

يثبت الأردن مجددا أنه توأم تاريخي مع أرض فلسطين مهما حكمها لصوص التاريخ، وحسناً فعل وزير الخارجية أيمن الصفدي بزيارته لرام االله أمس لإثبات دعم الأردن وقيادته وشعبه، وكافة وثائقه التاريخية أن القدس وأحياءها ستبقى عربية فلسطينية لا يمكن لأي نص قانوني أن ينزعها من شرعيتها وأهلها، ولن يموت ذكرها بين أبناء الخليقة جميعهم، فهي أرض الأنبياء ومن يحكمها فهو يحكم العالم بسلطته العليا، وهذا إثبات أن أي اتفاقات التفافية مكانها سلة المهملات.

حي الشيخ جراح هو الجزء الشرقي من أسوار مدينة القدس، وضعت الحكومة الأردنية التي كانت تحكم الأراضي الفلسطينية حينها يدها على الأرض البالع مساحتها 800 دونما، وفي العام 1956 أبرمت اتفاقا مع وكالة غوث وتشعيل اللاجئين الفلسطينيين لإقامة مساكن يقطن فيها اللاجئون الذي هربوا من قراهم الواقعة تحت الحكم الصهيوني، وكانت الاتفاقية محدودة على 28 عائلة فقط،

قبل أن يرتفع عدد سكانها لأكثر من ذلك، ثم جاءت حرب 1967 ،فحصدت إسرائيل ما أردات وتحققت نبوءتهم، فأدخلوا متطرفين ليسكنوا ذاك الحي، ومع هذا لم يستطع أحد أن يقتلعهم.

قبل رحيل العام المنصرم أصدرت محكمة الاحتلال المركزية قرارات بشأن إخلاء عائلات مقدسية تقطن حي الشيخ جراح في فترة لا تتجاوز نهاية شهر نيسان الحالي، ورفضت كافة الاستئنافات التي قُدّمت أمامها، ورغم أن القضية مستمرة منذ ثلاثة واربعين عاما إلا أن محاكم الاحتلال لم تناقش ملكية الأرض واكتفت بوثيقة قدّمتها جمعيات استيطانية، ثبت بعد التحقيق عدم صحتها في الأرشيف العثماني، ولكن الأخطر هو ذات المعاناة التي يكابدها سكان وادي الجوز وسلوان وغيرها من الأحياء التي باتت تحيط برقبة المدينة المقدسة، في ظل عناق عربي إسرائيلي، ومناوشات أردنية مع حاكم تل أبيب.

قبل أيام كنت أتابع برنامجا يتتبع مسألة الكراهية ضد اليهود في أوروبا حتى الحرب العالمية الثانية، واحدة من الكاتبات اليهوديات في العاصمة البولندية وارسو «آرينا أغاثا بولدوك» وهي كاتبة عجوز قاربت التسعين عاما من عمرها، حيث تحدثت عن أنها ولدت وترعرت حتى سنواتها الأولى في الحي الذي يقطنه الجميع بلا تفريق، وعندما بدأت القوات الألمانية بغزو وارسو، أخذتني أمي وهربت بي لننقل من بيتنا، فكنت أسألها لماذا؟ فتجيب بأننا يهود، وترد ماذا يعني يهود، إذ لا نعرف حالتنا الدينية مقابل ما كنا نعيشه باطمئنان قبل الحرب، ولكن بعد ذلك بدأوا يضخوا لنا برامج تتحدث عن اليهود وخيانتهم بعدما كنا مواطنين.

تلك الحالة التي عبرت عنها الكاتبة، تعبر عنها العديد من المجتمعات الحاضنة لليهود في أوروبا والولايات المتحدة، فهم لا ينظرون الى الإنسان الذي يقطن في منزله منذ نصف قرن على أنه مجرم، ولكن في الحكومة الإسرائيلية هناك دائما شخص يلقب بإبن اليهودية، فهو لا يهمه أن يتعايش الناس بسلام، بل إنهم يعرفون أن السلام خطر عليهم.

إن الحفاظ على المقدسات والأراضي العربية في القدس هي أمانة تطوق أعناق كل العرب والمسلمين، ولكن لحسن الحظ فالزمن لم يعد الاحتلال الإنجليزي، بل إن بلدة الشيخ جراح وسلوان وشقيقاتها وحدهن سيثبتن أن دولة الإحتلال لن تدوم، فالكراهية لا يمكنها أن تولد حباً بعد كل هذه العقود من التضخيم السلطوي والعزل الذي تمارسه حكومات تل أبيب، ولهذا يجب على الأردن أن يبقى راصدا لمحاولتهم التلاعب بالأرض والسكان . ــ الراي

مواضيع قد تهمك